الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ -
الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ - 24 تشرين الثاني 2024


السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، العالم والمجاهد
11 شوال 1441هـ
ولد السيد عبد الحسين بن يوسف الموسوي، في مدينة الكاظمية في العراق، سنة 1873م، الموافقة لسنة 1290هـ، وهو سليل أسرة عُرفت بالعلم والتقوى، والجهاد والورع، بدأ مشواره العلمي متنقلا بين الكاظمية والنجف وسامراء، مواظبا على المدارس العلمية والحلقات الدراسية، حتى بلغ رتبة الاجتهاد المطلق، متتلمذا على يد ثلّةٍ من العلماء الأعلام، أمثال السيد كاظم اليزدي، وشيخ الشريعة الأصفهاني، والسيد إسماعيل الصدر، له ترجمة في كتاب أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي. 

الهجرة والمنجزات
ظل السيد يتنقل بين المراكز الدينية والعلمية في العراق، حتى بلغ الثالثة والثلاثين من العمر، حينها عاد مع عائلته الى موطنها الأصلي في جبل عامل بلبنان، وفي مدينة صور حصرا، وكان ذلك سنة 1905م.
بدأ السيد عبد الحسين حركة علمية واصلاحية كبيرة في مدينة صور، أسس من خلالها الكلية الجعفرية لتربية الجيل الصاعد، والروضة الجعفرية للأطفال، كما أسس نادي الإمام الصادق للاحتفالات الدينية والثقافية، إضافة الى المدرسة الجعفرية، كما أسس جمعية البر والإحسان الاجتماعية التي كانت تجهز وتدفن الموتى من فقراء المسلمين.

جهاده
كان السيد عبد الحسين شرف الدين، من المجاهدين المناوئين للاحتلال الفرنسي للبلدان العربية والإسلامية آنذاك، فقد أصدر فتواه الشهيرة بوجوب مقاومة الاحتلال الفرنسي للبلاد العربية، وقد سببت له فتواه هذه الكثير من المتاعب والملاحقات، فقد حُكم عليه بالإعدام غيابيا من قبل السلطات الفرنسية، أدت الى هروبه من لبنان الى البلاد المجاورة، شارك في مؤتمر علماء وادي الحجير، وألقى فيه خطابا حماسيا، دعا فيه المسلمين الى مقاومة وطرد الاحتلال الفرنسي من البلاد الإسلامية، كما دعا فيه الى وحدة الصف ونبذ الطائفية والعنصرية وحشد جميع القوى لصالح المقاومة، وعلى أثر مواقفه هذه، هاجم الفرنسيون داره في صور، فلم يجدوه فيها، فاحرقوا الدار التي كانت تضم مكتبة علمية كبيرة، فاحترقت جميع محتوياتها من الكتب النفيسة، والتي كانت تتضمن بعض مؤلفاته، اضطر بعدها الى النزوح الى سوريا، ثم مصر وأخيرا الى فلسطين.
أُسْقِط عنه حكم الإعدام بعد استقرار الأوضاع السياسية في المنطقة، فعاد الى مدينة صور ثانية، ليمارس دوره العلمي والجهادي والإصلاحي هناك.

مناظراته
كان  السيد عبد الحسين شرف الدين من الدعاة الى التقريب بين المذاهب الإسلامية، وله في ذلك مواقف وخطب كثيرة، يقول في احداها: "إن الشيعة والسنة فرّقتهم السياسة فيجب أن توحّدهم السياسة"، له كثير من الحوارات والمناظرات مع الطوائف الإسلامية الأخرى، تتصف بالهدوء والسماحة والخلق الرفيع، واعطاء الطرف الآخر الفرصة في التعبير عن رأيه، وليس أدل على ذلك المناظرة التي أجراها على شكل رسائل متبادلة مع شيخ الأزهر آنذاك، الشيخ سليم البشري طبعت جميعها في كتاب سماه المراجعات.
وله مناظرة مع الملك السعودي عبد العزيز آل سعود، بعدما قدم له السيد مصحفا مغلفا بجلدٍ كهدية، أخذه الملك وقبّله، فقال له السيد:
ـ لم تقبل هذا الجلد وتعظمه؟ 
ـ قال كان غرضي هو احترام القرآن وتعظيمه وليس الجلد، فقال السيد:
ـ أحسنت، نحن كذلك حين نقبل أضرحة الأولياء، فليس غرضنا الا احترام وتعظيم من بداخل الضريح، لا الضريح نفسه، عندها أمر الملك بالسماح بتقبل الأضرحة المشرفة، ثم بعد ذلك منعها مرة أخرى.

آثاره 
له من المؤلفات ما يقارب الثلاثين، ما بين كتاب ورسالة، أهمها:
- كتاب المراجعات، وهو مجموعة رسائل متبادلة مع الشيخ سليم البشري، شيخ الأزهر آنذاك.
- الفصول المهمة في تأليف الأمة 
- المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة
- النص والاجتهاد
- أجوبة مسائل جار الله  
- شرح التبصرة بثلاث مجلدات، وغيرها كثير 

وفاته 
توفي في مدينة صور في آخر يوم من سنة 1957م، الموافقة لسنة 1377هـ، ودفن في الحائر العلوي الشريف في النجف الأشرف في أول يوم من سنة 1958م.