المِيرْدَاماد
الأَسْتَرَآبَادي هو السيَّد محمَّد باقر بن شمس الدِّين محمَّد
الحسيني الأسْتَرَآبادي، فيلسوف متكلِّم، ومحقِّق فقيه، وشَّاعر
أديب، من أعلام المذهب الجعفري في القرن الحادي عشر الهجري، ولد
حوالي سنة (960 هـ)، ورغم الاختلاف في تاريخ وفاته، إلاَّ أنَّ
القدر المتَّفق عليه عند أغلب من تتبَّع سيرته هو أنَّ وفاته كانت
في سنة (1041 هـ)، وقد وافته المنيَّة عن عمر يناهز (80) سنة في
طريقه إلى النَّجف لزيارة الإمام علي ابن أبي طالب عليه
الصلاة والسلام، بصحبة الشَّاه صفي الدين، فدفن في النَّجف، وقيل
دفن بين كربلاء والنَّجف.
والدَّاماد تعني بالعربية
الصِّهر، ومن المرجَّح أنَّ هذا اللَّقب انتقل إليه من والده،
الذي لُقِّب به نتيجة مصاهرته للمحقِّق الكركي، فوالدة الميرداماد
الابن هي ابنة الفقيه المحقِّق الشيخ علي بن حسين بن علي بن محمد
بن عبد العالي الكركي العاملي الذي يشتهر في المدرسة الجعفرية بـ
"المحقِّق الكَرَكِي".
وقد اشتُهر الميرداماد في زمانه
بلقب "المُعَلِّم الثَّالث" بعد أرسطو الذي لقب بالمعلِّم
الأوَّل، والفارابي الذي لقب بالمعلِّم الثَّاني، وذلك يعود
لِسِعَة علمه وغزارته، ودقَّة معارفه ورقَّتها، حیث يُعتبر من أهم
الشَّخصيات التي كان لها الدَّور التَّأسيسي لإشعاع نور الفلسفة
داخل الحوزة العلميَّة في مدينة أصفهان، كما يعدُّ من أهم أساتذة
صدر الدِّين الشِّيرازي الملَّقب بـ "المُلاَّ صَدْرا" صاحب مذهب
الحكمة المتعالية في الفلسفة .
وسيصل المتتبِّع للإنتاج الفلسفي
الذي قدَّمه وطرحه الميرداماد ـ وبعد مقارنته بما تمكَّن من
صياغته الملاَّ صدرا في انتاجاته ضمن مذهبه الحكمة المتعالية ـ
لنتيجة كون الملاَّ صدرا كان يتَّبع خطى أستاذه في المنهج الذي
أسَّس عليه مذهبه الفلسفي الحكمة المتعالية، فالميرداماد كان
سبَّاقًا للملاَّ صدرا في المزاوجة بين التَّفكير العقلي
والشُّهود العرفاني كمصدرين للمعرفة الفلسفية، فهو أوَّل من جمع
وزاوج بين المنهج الإشراقي الشُّهودي، والمنهج المشَّائي العقلي
في الإنتاج الفلسفي.
نشأ الميرداماد في مدينة أصفهان
التي تُعدُّ موطنه الأم، ثمَّ بعد ذلك شدَّ الرِّحال في سنٍّ
مبكرة من عمره إلى مدينة مشهد التي شهدت في تلك العصور هجرة علماء
جبل عامل إليها، فدَرس فيها علوم المنقول على يد علي ابن ابي
الحسن الموسوي العاملي، وكذلك تتلمذ فيها ولمدَّة قصيرة على يد
والد الشَّيخ البهائي العاملي الشيخ عزُّ الدِّين حسين بن عبد
الصَّمد العاملي الذي هاجر هو الآخر إلى إيران بعد شهادة
أستاذه زين الدين علي بن احمد العاملي المشهور بـالشَّهيد
الثَّاني على يد المؤيدين للدَّولة العثمانية، وأيضا درس في
مشهد عند خاله عبد العالي العاملي ابن علي الکرکي الذي
اشتهر بـالمحقَّق الكركي.
ثمَّ شد الرِّحال مرَّة
أخرى إلى مدينة هرات التي فتحها الصَّفويين في تلك العصور،
وفيها درس المعقول على يد أستاذه خر الدِّين السَّماكي
الاسترآبادي الذي لم يُعرف غيره من الأساتذة الذين تتلمذ على يدهم
الميردماد، وبعد أن أكمل تحصيل ما كان يحتاجه من العلوم النَّقلية
والعقليَّة، عاد إلى مسقط رأسه أصفهان، التي صارت في زمانه وبفضله
معقلا تُشدُّ لها رحال طلاب العلوم الدِّينية والعقلية، بحيث عرفت
بحوزتها العلمية التي أغناها وجود بعض أعلام الجعفرية، كصديقه
الشَّيخ بهاء الدِّين محمَّد العاملي المشهور بـالشَّيخ البهائي؛
فقد كان يُدرِّس فيها مختلف العلوم النَّقلية الدِّينية، واشتهر
بإتقانه لعلم الهندسة والفلك والعلوم الغريبة، وكذلك أغناها أبو
القاسم الفَنْدَرِسكي المعروف بـ "مير فندرسكي" الذي برع في علم
الكلام والفلسفة والعلوم النَّقلية.
وفي مدينة أصفهان شرع
الميرداماد في تدريس مختلف العلوم واشتهر بتدريسه للمعقول من
العلوم، حتِّى ذاع سيطه وعُرف بنبوغه في الفلسفة والإلهيات، وكذلك
اشتهر بدقَّة طرحه ورقَّة تفصيله، حتى اتسمت تأليفاته بالغموض
والتَّعقيد، فتتلمذ وتخرَّج على يده آخر فلاسفة المسلمين صدر
الدِّين الشيرازي الملقَّب بـ "الملاَّ صدرا".
أساتذته
:
• الشَّيخ عبد العالي بن علي الكركي العاملي،
وهو ابن المحقِّق الكركي.
• الشَّيخ حسين بن عبد الصَّمد الحارثي، والد
الشَّيخ البهائي.
• السَّید نور الدین علي بن أبي الحسن الموسوي
العاملي.
• فخر الدِّين السَّماكي الاسترآبادي، وهو من
درس عنده الفلسفة وعلم المعقول.
• تاج الدِّین حسین الصَّاعد
الطُّوسي.
تلامذته:
• صدر الدِّين بن محمد إبراهيم الشيرازي،
المشهور بـ "الملاَّ صدرا"، صاحب مذهب الحكمة
المتعالية.
• الشَّيخ محمد محسن، المشهور بـ "الفيض
الكاشاني".
• السَّيد نظام الدِّين أحمد بن زين العابدين
العاملي، وهو ابن خاله وصهره.
• الشَّيخ المولى عبد الرَّزاق اللاَّهيجي،
الملقَّب بـ "الفّيَّاض".
• حسين بن الميرزا رفيع الدِّين، الملقَّب بـ
"سلطان العلماء".
• شمس الديِّن الجيلاني المعروف بـ "الملاَّ
شَمْسَا".
• السَّيد قُطب الدِّين محمَّد بن علي
الإشْكوري، المشهور بـ " الشَّريف اللاَّهيجي".
مصنفاته:
وله مصنَّفات كثيرة اشتملت على
التفسير، والفلسفة، والرِّياضيات، وعلم الكلام، والعرفان، والفقه،
وأصول الفقه، وعلم الرِّجال، والشِّعر والأدب .....الخ
.
نذكر منها بعض المصنَّفات
الفلسفيَّة والكلاميَّة:
• كتاب الصِّناعة .
• كتاب أنموذج العلوم .
• كتاب تشريق الحقِّ .
• كتاب مشارق الأنوار .
• كتاب خلسات الملكوت .
• كتاب القبسات في الحكمة .
• كتاب التِّصحيحات والتِّقومات
.
• كتاب الحبل المتين في الحكمة
.
• كتاب مشارع النُّحاة في الحكمة .
• كتاب الحاشية على إلهيات الشِّفاء
.
• كتاب الصِّراط المستقيم في الحكمة
.
• كتاب التَّقديسات في الحكمة الإلهيّة
.
• كتاب الأفق المبين في الحكمة الإلهية
.
• كتاب الإيقاظات في خلق الأعمال وأفعال العباد
.
• كتاب اللَّوامع الربَّانية في رد شبه
النَّصرانيّة .
• كتاب مصقل الصَّفا في إبطال مذهب النَّصارى
.
• كتاب الإيماضات والتَّشريفات في حدود العالم
وقدمه .
• كتاب الإعضلات العويصات في فنون الكلام
والصِّفات .
• كتاب الجمع والتَّوفيق بين رأي الحكيمين في
حدوث العالم .
• رسالة في نفي الجبر .
• رسالة في خلق العالم .
• رسالة في العالم الواجب .
• رسالة في تحقيق مفهوم الوجود
.
• مقالة في العلم الإلّهي .
وغيرها العشرات من المصنَّفات،
والرَّسائل، والرُّدود ، والمقالات التي جاوزت في كلِّها
السَّبعين مصنَّفًا .
حبيب مقدَّم
التُّونسي