الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ -
الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ - 24 تشرين الثاني 2024


مسجد السهلة... نزل الوصي الخاتم ومقر حكومته العالمية
28 جمادى الاول 1443هـ

يُعّد مسجد السهلة من أكبر المساجد الإسلامية وأقدمها خصوصا وانه قد شُيد في القرن الهجري الأول، وما زال قائما لحد الآن، بل وما زالت مقصدا للملايين منهم.
ولهذا المسجد محل أرفع في قلوب المسلمين، ما يجعل منه مقصدا لهم ومن كل صوب وحدب، خصوصا وإن اسمه يقترن بإمامهم الخاتم المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، باعتبار أن هذا المسجد سيكون مقر نزوله الشريف بأهله وعياله وبيت ماله، بل وأن أثر مقامه فيه ما زال قائما.
ويقع هذا المسجد العظيم في إحدى ضواحي مدينة الكوفة المقدسة في العراق، والكوفة ثاني مدينة مصّرت بعد الفتح الإسلامي، وتقع على بعد ١٥٠ كيلو متر جنوب العاصمة بغداد.
يقع مسجد السّهلة في الجهة الشماليّة الغربيّة من مسجد الكوفة، ولا يبعد عنه سوى كيلومترين فقط، وهو مسجد مستطيل الشكل، طوله (140) متراً، وعرضه (125) متراً، ومساحته (17500) مترا مربعا، ويُحيط به سُورٌ عالٍ بارتفاع (22) متراً، مدعوم بأبراج نصف دائريّة، وفي منتصف الضلع الشرقي، تقع مئذنة طويلة يبلغ ارتفاعها (30) متراً.‏ 
ويشتمل المسجد على سبعة عشر إيواناً، والمكان الرئيسي للصلاة في الجهة الجنوبيّة للمسجد، أمّا المدخل الرئيسي للمسجد فهو الباب المجاور للمئذنة، وفيه مقامات ومحاريب كثيرة تنتشر في ساحته.
ومسجد السهلة أكبر مسجد في الكوفة بعد مسجد الكوفة الجامع، ويبعد عنه بنحو (٢كيلو متر)، ويحظى بِمَكانةٍ عظيمةٍ عند المسلمين، فهو من المساجد المُقدّسة بالكوفة والتّي ذكرها أمير المؤمنين عليه السلام بأنّها مباركة، حيث قال عليه السلام عنه: "مسجد بني ظَفَر مسجد مبارك، والله إنّ فيه لصخرة خضراء، وما بعث الله من نبيّ إلَّا فيها تمثال وجهه، وهو مسجد السّهلة".
كما ذكره الإمام الصادق عليه السلام: "أما إنّه منزلُ صاحبنا ـ الإمام المهدي ـ إذا قدِم بأهله".
وتأسس هذا المسجد المعظم بعد فتح العراق، واستقرار العرب في كوفته، حيث كانت كلّ قبيلة أو جماعة تَنزل في مكان معيّن، ومنهم مَن اختاروا أن يبنوا مسجداً بين ظهرانيهم، فبنى بنو ظَفَر هذا المسجد، وهم بَطن من الأنصار يَنتسبون إلى ظفر، واسمه كعب بن الخزرج بن النّبيت بن مالك بن أوس بن حارثة بن ثعلبة، وهذا المسجد غير بعيد عن مسجد الكوفة.
وقد عُرِف هذا المسجد، بدايةً، بإسم مسجد بني ظَفَر، حيث كانوا يجتمعون فيه للصلاة وللتداول في شؤون البلاد وأحوال العباد، ثمّ عُرِف فيما بعد باسم مسجد السّهلة، لسهولة أرضه والأراضي المجاورة له وانبساطها، فالسهْلُ مِنَ الأَرْضِ: ضِدُّ الْحَزْنِ، وقد سَهُلَتْ، سُهُولَةً.
 وعلى الرّغم من أنّ هذا الاحتمال هو المُرجَّح، إلَّا أنّ ثمّة احتمالاً ثانياً للتسمية، فربمّا تعود إلى سهل مولى بني ظفر، وهو صحابيّ شَهد أُحُداً مع النبيّ صلّى الله عليه وآله. كما يَذكر المؤرِّخون أنّ هذا المسجد سُمِّي بأسماء عديدة قبل أن يستقرّ اسمه الشّائع، مثل: مسجد البِرّ، لكثرة خَيْره وبركاته، ومسجد عبد القَيْس، لأنّه يقع في خِطّة بني عبد القيس، ومسجد القرى.
وعن قداسة هذا المسجد، فقد عَرف العراق ـ وتحديداً اهل الكوفة فيه، في الأزمنة الغابرة ـ أكثر من نبيّ، وقد وُفِّق بنو ظفر في اختيار موضع مسجدهم، إذ اختاروا هذا الموقِع لوجود بعض مقامات الأنبياء والصالحين في ذلك المكان، وكان مسجد السّهلة أحد أكبر المساجد التّي شُيِّدت في الكوفة خلال ذلك القرن المتقدم، وقد بُني بعد فترة قصيرة من بناء مسجد الكوفة، وبحسب ما ورد في الروايات، كان بيتاً أو موضعاً لِعَددٍ من الأنبياء عليهم السلام، فمِمّا قاله الإمام جعفر الصادق عليه السلام عن مسجد السّهلة: "أمَا علمتَ أنّه موضِع بيت إدريس النبيّ الذي كان يخيط فيه ـ كان أوّل من خاط الثياب ولبسها، وكانوا يلبسون الجلود؛ وفي رواية يخطّ، لأنّ إدريس أوّل من وضع الخطّ ـ ومنه سَار إبراهيم عليه السلام إلى اليَمَن بالعمالقة، ومنه سَار داود إلى جالوت، وإنّ فيه لَصخرة خضراء فيها مِثال كلّ نبيّ، ومن تحت تلك الصخرة أُخذت طينة كلّ نبيّ، وإنّه لَمَناخ الراكب. قيل: مَن الراكب؟ قال: الخضر عليه السلام".
ومن فضائل هذا المسجد، ما قاله فيه الإمام السجاد عليه الصلاة والسلام: "مَن صلّى في مسجد السّهلة ركعتين، زاد الله في عمره سنتين"، كما قال الإمام الصادق عليه السلام قال: "إذا دخلتَ الكوفة فأتِ مسجد السّهلة فصلِّ فيه، واسأل الله حاجتك لدِينك ودُنياك، فإنّ مسجد السّهلة بيت إدريس النبيّ عليه السلام الذي كان يَخيط فيه ويُصلّي فيه، ومَن دَعا الله فيه بما أحبّ قضى له حوائجه، ورفعه يوم القيامة مكاناً عليّاً إلى درجة إدريس وأُجير من مكروه الدُّنيا ومكائد أعدائه".
ويحتوي مسجد السهلة مشاهد عديدة، منها:
ـ مقام الإمام المهديّ عجّل الله فرجه، ويُعرف بمقام صاحب الزمان، ويقع في وسط الضلع المُواجِه للقِبلة، وهو من أكبر المشاهد.
ـ مقام الإمام زين العابدين عليه السلام ويقع في الزاوية الجنوبيّة الشرقيّة.
ـ مقام الإمام جعفر الصادق عليه السلام، ويقع في وسط المسجد. 
ـ مقام الخضر عليه السلام، ويقع في الزاوية بين الضلعين الجنوبي والشرقي.
ـ مقام النبيّ إدريس عليه السلام، ويُقال إنّه كان بيته.
ـ مقام الصّالحين، ويُعرف بمقام النبيَّين هود وصالح، ويقع في الزاوية بين الضلعين الشمالي والشرقي.
ـ مقام النبيّ إبراهيم الخليل، ويُقال إنّه كان بيته عليه السلام.

 

العلوية فاطمة الجابري