الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ -
الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ - 24 تشرين الثاني 2024


مرقد سلمان المحمدي
29 شعبان 1442هـ
حيث مدينة المدائن التي تبعد عن بغداد بحوالي (30) كيلو متر باتجاه الجنوب الشرقي، يقع مسجد سلمان المحمدي، الذي يعد من أقدم مراقد بغداد وأعمقها اثارا.
بُني المسجد بطراز مغربي وشيء من العمارة العثمانية والعباسية المطرزة بالنقوش المغربية، وهي دلالة على إن عمارته هذه تعود لأزمنة متأخرة. 
قبة المسجد التي تحتضن قبر الصحابي المحمدي، ترتفع عن الأرض بحوالي (17) مترا، ونصف قطرها (4) أمتار، ولها منارتان بارتفاع (23.2) متر، وقطر (2) متر. 
ومساحة باحته حوالي (10,000) متر مربع على شكل شبه مستطيل بعرض (88) متر وطول (125) متر، لها أربع أبواب فرعية وثلاث أبواب رئيسية، الاولى من جهة بغداد وستسمى باب الإمام موسى الكاظم عليه السلام وباب باسم فاطمة الزهراء عليها السلام باتجاه نهر دجلة وباب الإمام علي عليه السلام باتجاه النجف الاشرف.
وقد شيد المسجد على مساحة من الأرض تبلغ حوالي (4000) متر مربع، في حينها، قبل أن يتوسع بتبرعات وهبات الميسورين، حتى بلغ اليوم أكثر من (50,000) متر مربع، كما توسع البناء فيه، حيث يحتوي اليوم قاعة كبرى ودار للضيافة وادارة والخدمات كالمرافق الصحية. 
وبالإضافة الى كونه مسجدا، فيه مرقد للصحابي الجليل سلمان المحمدي (الفارسي) وكل من حذيفة بن اليمان (صاحب سر النبي)، وطاهر بن الإمام الباقر الذين نقلا قربه عام 1930م، بعد أن تعرضت بغداد لفيضان كبير، كما يوجد بجانبه قبر لعبد الله بن جابر الانصاري رضوان الله تعالى عليه ومسجد الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
وسلمان المحمدي، فارسي الأصل واسمه (زوربه بن خشبوذان) وفي رأي أخر (ماهو بن خشبوذان)، من مواليد أصفهان في خراسان، وهو صحابي جليل، حصل على مرتبة عليا عند النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله لورعه وأيمانه، حتى قال فيه "سلمان منّا أهل البيت"، كما قال عنه النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله: "الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان" وسماه "سلمان الخير". 
وقد صحب سلمان النبي محمد صلوات الله عليه وآله في الكثير من معاركه، وكان شجاعا صنديدا اشترك في جميع معارك الرسول الأكرم صلوات وآله عليه وآله، وكان صاحب الراي في حفر الخندق في معركة الأحزاب (معركة الخندق)، كما كان سياسيا محنكا، حتى أنه تولى الإمارة على المدائن أيام الخليفة الثاني، وبقي في ذلك حتى وافته المنية سنة 35هـ أو 36 هـ ليدفن فيها بحضور أمير المؤمنين علي عليه السلام، حيث كان سلمان من خواصه عليه السلام،  
وقد أسلم سلمان في السنة الهجرية الأولى، وكان بذلك من السابقين للإيمان بالنبي الأكرم، حتى قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: " السُّبَّاقُ خمسةٌ فأَنا سابِقُ العرب، وسلمانُ سابِقُ فارس، وصُهَيبٌ سابِق الرّوم، وبلاَلٌ سابِقُ الحَبَشِ، وخَبَّابٌ سابقُ النَّبْطِ".
وبلغ من زهد الرجل أنه لم يقبل بإمارة المدائن بعدما كلفه اليها عمر بن الخطاب، إلا بعد إن استأذن الإمام علي عليه السلام، حتى صار أميرا عليها، ورغم إمارته كان يحطب (يعمل في جمع الحطب) في عباءة يفترش نصفها، ويلبس نصفها، فإذا خرج عطاؤه تصدق به، كما كان يسفّ (ينظم على هيئة أواني) الخوص وهو أمير على المدائن، ويبيعه، ويأكل منه، حتى عوتب على ذلك، فكان رده: "لا أحبّ أن آكل إلا من عمل يدي".