الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ -
الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ - 24 تشرين الثاني 2024


الكوفة.. أبنة التأريح وأم الحضارة
4 ربيع الأول 1443هـ
الكوفة مدينة إسلامية عريقة، تعبر واحدة من أهم المدن العراقية على مر التأريخ، لما لعبته من دور محوري في العديد من الأزمات التي عصفت بالمنطقة العربية سواء ما كان منها في غابر التأريخ او المعاصر منه، ما منحها هذه الشهرة والمكانة.
ويمكن تحديد موقعها بالضبط، حيث تقع في الجهة الغربية من نهر الفرات عند مدينة النجف الأشرف، يحدها من الشمال ناحية الكفل التابعة لمحافظة بابل، ومن الغرب كري سعد ومن الشرق ناحية السنية وناحية الصلاحية التابعتان لمحافظة الديوانية، ومن الجنوب قضاء ابي صخير وناحية الحيرة.
وتبعد عن العاصمة بغداد بما يقارب (156) كم حيث الجنوب منها، في حين أنها تبعد حوالي (9) كم من مدينة النجف الأشرف حيث ضريح الإمام علي عليه السلام الخليفة الشرعي لنبي الإسلام محمد صلوات الله عليه، ويسكنها اليوم حوالي (231) ألف نسمة وهي بمستوى قضاء حسب التقسيم الإداري للمدن في العراق.
وقد اسمهمت الكوفة عبر تاريخها الطويل ـ وما تمتلكه من مقوِّمات بشرية وحضارية ـ في صناعة عقل الأمة الإسلامية وثقافتها على كافة الصعد، فضلا عمّا كان لها من أثر فاعل في ثقافات الأمم الأخرى وحضاراتها، حيث يرجع تأريخها الى عصور قديمة، ولحد اللحظة فأنها تحتوي بقايا وإطلال لمعابد وأديرة وكنائس وقلاع وقصور كالقصر الأبيض التابع للنعمان بن المنذر.
كما يذكر المؤرخون بأن الملك البابلي بختنصر (626 ق. م) كان قد أتخذ منها ومن الحيرة بظهرها قلاع لمملكته وحدودا آمنة لعاصمته بابل، فضلا عن اتخاذها عاصمة من قبل ملوك المناذرة والحيرة فيما بعد.
تعتبر مدينة الكوفة ثاني مدينة إسلامية مصّرها وشيدها المسلمون بعد البصرة، وذلك سنة 17 هـ، ليتخذها بعد ذلك الإمام علي عليه السلام عاصمة لخلافته.
وتمثل الكوفة المركز الرئيسي للتشيع، خصوصا وأن الإمام الصادق عليه السلام كان قد شد الرحال اليها وبقي فيها سنتين كاملتين، ما جعل منها مصر علمي وحضاري وثقافي.
ويمتاز خطها المعروف بـ (الخط الكوفي) بمواكبته للعصر حيث يُستخدم لحد الآن؛ ما جعل من شركات تصنيع انظمة البرامج ومنها مايكروسوفت أوفيس ان تعتمده ضمن باقة خطوطها فيه. 
ويأتي اسمها من كوفان، وهي المواضع المستديرة من الرمال، في حين يرى البلاذري بأن اسمها مستل من التكوف أي الاجتماع، حيث يجتمع فيها الناس بعمران حضري عكس ما يتشتتون فيه بالبيادي والصحاري. 
وأهم ملامح المدينة اليوم هو مسجدها المعروف بمسجد الكوفة، حيث كان الإمام علي عليه السلام يلقي خطبه ويدير دولته من بيت الإمارة المجاورله، فضلا عن كونه ـ مسجد الكوفة ـ موضع استشهاده حيث ضربه الخارجي عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله. 
كما تحتوي الكوفة على مسجد السهلة الذي يضم مقام النبي إبراهيم عليه السلام ومقام الخضر عليه السلام ومقام النبي صالح عليه السلام ومقام النبي إدريس عليه السلام ومقام الإمام السجاد عليه السلام ومقام الإمام الصادق عليه السلام ومقام الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ومساجد أخرى كمسجد صعصعة بن صوحان العبدي ومسجد زيد بن صوحان العبدي ومسجد الحمراء ومسجد النبيّ يونس بن متي عليه السلام ومسجد جعفر ومسجد غني ومسجد جذيمة ومسجد بني عتر.
وتحتوي الكوفة ايضا على بقايا من دار الإمارة، وضريح مسلم بن عقيل عليه السلام (سفير الإمام الحسين للكوفة) الذي أسُتشهد على يد الأمويين قبيل معركة الطف، فضلا عن ضريح الصحابي الجليل خبّاب بن الأرت رضوان الله تعالى عليه وضريح هاني بن عروة رضوان الله تعالى عليه وضريح ميثم التمار رضوان الله تعالى عليه ومرقد السيد إبراهيم (الملقب بإبراهيم الغمر) بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب عليها السلام.
 وتؤكد الروايات على أن مدينة الكوفة ستكون قطب الرحى والوجهة الدبلوماسية العالمية بعد أن يتخذها الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف عاصمة له بعد ظهوره الشريف.