قد غمرنا الله سبحانه وتعالى بلطائفه وأعطانا من نعمه الكثير التي لا تعد ولا تحصى فقد وهبنا ألسنة نتحدث بها ونتقرب بها إليه، وأراد أن يعلمنا أن لهذه الحاسة حقوق وواجبات لابد أن تتبع فيها، فحينما نريد أن نجالس الناس ونخالطهم لابد لنا من مراعاة الكثير من الأدبيات، فللحديث أدبيات أعتنت بها الشريعة الإسلامية وسلطت عليها الضوء لما في الكلمة من أثر واضح، فهي كالسيف في المضي والتأثير في الآخرين، سواء أكانت سيئة أو جيدة ، ولابد من مراعاة ثقافة السامعين ومدى تقبلهم للحديث ومعرفة شخصياتهم لأنها تجعلنا نتحكم في حديثنا ونضع الميزان المناسب له.
فرحى الكلام تدور حول هذه الأدبيات وإحصاء ما أهميتها:
- فمثلا مخاطبة الناس على قدر عقولهم وفهمهم: السامع للحديث والمتحدث لابد أن يكونا في ميزان المراقبة والتمحيص، فالمتحدث يطلق العنان لكلماته فتخترق أذن السامع فتأثر فيه إما سلباً أو إيجاباً، وهذه الميزة من أدبيات الحديث لابد أن تكون فيها مراعاة الآخرين في مدى تقبلهم للحديث وتفهمهم بشكل إيجابي سليم يجعل الحديث ذو فائدة ولا يجعله هذراً لا فائدة منه، فعن الإمام الصادق عليه السلام: قال علي بن الحسين عليه السلام: (حدثوا الناس بما يعرفون! ولا تحملوهم ما لا يطيقون، فتغرونهم بنا).
- ومن الأدبيات الأخرى (قلة الكلام وكثرته والصمت) هذه ثلاث عبارات تعطي رونقاً آخر للحديث ، قلة الحديث والكلام في ما يليق يأمن الإنسان من الوقوع في زلات اللسان وفلتاته وعدم الوقوع في الإثم، وقد جاء الكثير من الترغيب في الاحاديث الشريفة حول القلة من الكلام وتمحيصه قبل إطلاقه حيث قال الإمام علي (عليه السلام): (لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فأن الله فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة)، فكثرة الكلام حالة مذمومة لا تحبذ عند الناس فهي مدعاة إلى الملل والانزعاج من قبل الآخرين، وكذلك الصمت له جوانب إيجابيه وسلبية فهو في الحق غير مقبول ومذموم أما الصمت عند الغضب محمود، فالحكمة تقول: إن الإنسان الناجح هو الذي يغلق فمه قبل أن يغلق الناس آذانهم، ويفتح أذنيه قبل أن يفتح الناس أفواههم ، فلابد أن لا ندع اللسان يشارك العين في انتقاد عيوب الآخرين ولابد أن لا ننسى أنهم يمتلكون آذاناً وألسن مثلنا.
فيا صديقي للكلام أدبيات واجب أن تتبع
لا تحدث الناس بما لا يفهمون وبما به لا يقتنع
ولا تقاطع الآخرين فتبدوا كالعدو مذموماً لا يتبع
واحفظ لسانك وزن كلامك واجعله ذو نجع
فخير الناس من جعل كلامه صادقاً يستمع
فبشرى لمن تأدب حديثه يصبح كأنه سد ممتنع
الكاتب : علي الخفاجي