السبت - 17 رجب 1446هـ -
السبت - 17 رجب 1446هـ - 18 كانون الثاني 2025


ما يملكه المسلمون !!!
29 جمادى الاول 1443هـ
يمتلك العالم الإسلامي من الثروات والموارد الطبيعية والبشرية المختلفة؛ الكثير، مما يجعله قادرا على إنعاش اقتصاداته، ورفع مستوى قدراته، وتحقيق الاكتفاء الذاتي لشعوبه، بل وتصدير الفائض من انتاجه الى الخارج، فهو يتربع على أرض معطاء، كثيرة الخيرات، وافرة الثروات، لا يعوزه سوى الوحدة وحسن التدبير. 
من حيث الثروة البشرية، يبلغ عدد المسلمين في العالم بجميع مكوناتهم، قرابة ملياري نسمة، يسكن ثلثا هذا العدد في الدول الإسلامية بينما يعيش الثلث المتبقي في الدول غير الإسلامية.
يعيش المسلمون في (56) دولة، موزعة على جميع قارات، يكون تركيزهم الأكثر في قارتي آسيا وأفريقيا بينما يقل هذ التركيز في قارتي أوربا وأمريكا الجنوبية، وهذه الدول هي الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي فقط، غير ان هنالك دول تضم نِسباً من المسلمين، لم تدخل تحت مظلة هذه المنظمة.
يشغل المسلمون مساحة تقدر بـ (32,000,000) كم2، وهذه المساحة الشاسعة من الأرض، تشكل نسبة ربع مساحة اليابسة تقريبا، وتحتوي على كميات هائلة من الثروات بمختلف أنواعها، ما بين بشرية وطبيعية.

الثروات الطبيعية
يمتلك العالم الإسلامي ثروات طبيعية ومعدنية كبيرة، وموارد أخرى كثيرة، من النفط والغاز الطبيعي والمعادن الأخرى، تُقدر بثلث ما يمتلكه العالم بأسره، أما النفط فيشكل انتاجه حوالي 43% من الانتاج العالمي، ويشكل انتاج الغاز حوالي 8% منه، ويوجد في (25) دولة إسلامية، كما ينتج العالم الإسلامي خامات كثيرة ومهمة، لها دورها في دفع عجلة الصناعة والاقتصاد الى الأمام، وهذه تضاف الى ثروة النفط الهائلة، التي تتربع على عرش الثروات الأخرى في باطن الأرض، منها التي تم اكتشافها ومنها التي لا تزال مطمورة تحت الأرض، ومن هذه الثروات، خامات الحديد التي تتركز في موريتانيا والجزائر وتركيا ومصر، والفوسفات في المغرب وتونس والأردن والنحاس والمنغنيز والكروم والرصاص في مناطق متفرقة أخرى.
يتميز العالم الإسلامي بأن نسبة انتاج بعض المعادن فيه تكون عالية جداً، فالقصدير مثلا يشكل نسبة 56% من الاحتياطي العالمي، والكروم يشكل 40% والنحاس 25% والفوسفات 25% والمنغنيز 24% والبوكسايت 23%، وهذه نسب عالمية كبيرة لا يستهان بها، تجعل منها ثروة كبيرة للمسلمين. 

الثروات المائية
يطلّ العالم الإسلامي على جملة من البحار والمحيطات والخلجان، كالمحيط الأطلسي والمحيط الهندي والمحيط الهادي وبحر العرب والبحر الأبيض المتوسط  وبحر قزوين والبحر الميت، حيث تقدر حدوده البحرية بـ (102,347) كم، كما تضم أراضيه عددا من الخلجان، كالخليج العربي وخليج عمان وخليج العقبة وخليج السويس، يضاف اليها عدد من المضائق والقنوات، كمضيق جبل طارق ومضيق باب المندب ومضيق ملقا الكائن بين ملايو وسومطرة ومضيق البوسفور ومضيق هرمز وكذلك قناة السويس، كما تتضمن أراضي بلدان العالم الإسلامي عددا من الأنهار الكبيرة والطويلة، كنهر النيل الذي يعتبر أطول أنهار العالم، ونهري دجلة والفرات ونهر النيجر ونهر السند ونهر زمبيري ونهر السنغال.
ان هذه المسافات الشاسعة من الحدود المائية الكبيرة، والخلجان والمضائق والأنهار، يعطي للعالم الإسلامي أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة، يضاف الى ذلك أن موقعه يقع في قلب العالم، فهو يتوسط الطرق المائية والملاحة الدولية بين الشرق والغرب.

الثروة الزراعية
يمتاز العالم الإسلامي بالتنوع المناخي وذلك لاتساع رقعته الجغرافية، فهو يمتد من جنوب خط الاستواء جنوبا الى دائرة عرض (60) شمالاً، ليضم جميع مناخات العالم تقريباً، عدا مناخ المنطقة القطبية، وهذا التنوع المناخي، يؤدي الى التنوع الزراعي بطبيعة الحال، ليشمل جميع المحاصيل والمنتوجات الزراعية على الإطلاق، لا ليحقق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية فحسب، بل ليقوم بتصدير الفائض منها الى دول العالم، ما جعل بعض دوله تمتلك إمكانات زراعية كبيرة، مثل العراق وتركيا واندونيسيا ودول القوقاز والسودان ودول نهر النيجر ودول آسيا الوسطى وايران، كما أن للسياسات الاقتصادية في المجال الزراعي دورا كبيرا في تنمية القطاع أو ضعفه، فالسعودية مثلاً، كانت تستورد محصول القمح، لعدم توفر مقومات زراعته من أرض أو مناخ أو مياه، الّا أن سياستها الاقتصادية الصحيحة حولتها من مستورد للقمح، الى مصدّر له للخارج، على العكس من الجزائر التي كانت تصدر محصول القمح في السابق، لكنها اليوم تستورده من الدول الأخرى، رغم توافر ظروف زراعته، على هذا الأساس يكون للسياسة الاقتصادية دور كبير في إنجاح العملية الزراعية.

الثروة الآثارية والدينية
احتضنت المنطقة الإسلامية أقدم الحضارات الإنسانية على وجه الإطلاق، ففيها ولد التاريخ وفيها نزلت الديانات السماوية وفيها بُعث الأنبياء، وعلى أرضها عاشت أقدم السلالات البشرية، عاشت فيها الحضارة السومرية والحضارة البابلية والحضارة الأكدية والحضارة الآشورية في العراق، كما عاشت الحضارة الفرعونية في مصر قبل آلاف السنين، وقد تركت تلك الحضارات القديمة إرثا حضاريا وأثريا لا يُستهان به من المواقع الأثرية والمراقد المشرفة الكثيرة والكبيرة، انتشرت في أماكن كثيرة وعلى مساحات واسعة من العراق ومصر والأردن وفلسطين وايران وغيرها من البلدان الإسلامية، فكانت مقصدا للسياح والآثاريين والباحثين والزائرين من كافة بقاع العالم، كما كان لوجود مراقد أهل البيت عليهم السلام في العراق وايران والسعودية والشام وغيرها، سببا لتوافد الزائرين من المسلمين من دول كثيرة، خصوصا في مواسم الزيارات المتعارف عليها، وهذا يشكل بطبيعة الحال ثروة كبيرة لبلدانها.

الثروة الثقافية والفكرية
القرآن الكريم، ذلك الإرث الثقافي الأهم في حضارة المسلمين منذ ألف وأربعماِئة سنة، كتاب تضمن تشريعات السماء للإنسان بما يخص دينه ودنياه، كما تضمّن علوما كثيرة منها ما هو ظاهر جلي، ومنها ما هو باطن خفي، كما تعتبر السنة النبوية الشريفة ظهيرا للقرآن وترجمانا له، تفسر أحكامه وتبين معانيه، يضاف الى ذلك أهل البيت عليهم السلام وما ورثوا من علوم النبي محمد صلى الله عليه وآله، كل ذلك يُعدُّ الثروة الفكرية والثقافية الأعظم والأهم بالنسبة للمسلمين. 
كما برز من المسلمين رجال كثيرون، نبغوا بإمكاناتهم الفكرية والعلمية، رفدوا الحركة العلمية بالكثير، وألّفوا في مجال العلوم والمعارف الكتب الكثيرة، والموسوعات الكبيرة، صارت فيما بعد مصادر مهمة لعلماء الغرب، فقد برز من المسلمين علماء كثيرون، كجابر بن حيان في الكيمياء، والحسن بن الهيثم في البصريات، والخوارزمي والرازي وابن سينا في الطب والفلك والرياضيات والهندسة، وابن خلدون في علم الاجتماع، وغيرهم كثيرون يتعذر إحصاؤهم في هذه العجالة.

الهيمنة الاستعمارية على الثروات
رغم الكم الهائل والحجم الكبير للثروات الطبيعية والبشرية في العالم الإسلامي، الا أن بعض شعوبه لا زالت تعيش تحت خط الفقر، ويرجع سبب ذلك الى الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية للدول الاستعمارية، وكثرة الاحتلالات الأجنبية لأراضيه، مما جعل ثروات العالم الإسلامي عرضة للنهب والابتزاز على مر العصور، ولفترات طويلة من الزمن، فمن البديهي أن من يحتل أرضا، يسلب خيرات شعبها، ومما ساعد القوى الاستعمارية على بسط نفوذها والتحكم بمصير ومقدرات الشعوب الإسلامية، هو تفكك الدول الإسلامية الى دول ودويلات وامارات صغيرة وضعيفة، تسهل السيطرة عليها واخضاعها الى ارادات المستعمرين وبالتالي نهب ثرواتها.
تخيل أن العالم الإسلامي بأسره يكون دولة واحدة، او أتحاد على شاكلة الاتحاد الأوربي مثلا، تظِلُّها راية (لا إله الا الله؛ محمد رسول الله)، تبسط نفوذها على جميع أراضيها، وثرواتها من شمالها الى جنوبها، ومن شرقها الى غربها، ترى أي دولة عظيمة ستكون؟ ثم الى أي مستوىً سيصل التطور والعلم والثقافة والرخاء الاقتصادي، مع توافر هذه الثروات التي أوجدها الله تعالى في أرض المسلمين؟