الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ -
الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ - 24 تشرين الثاني 2024


جابر بن حيان... أرسطو طاليس الكيمياء
12 جُمادى الآخرة 1443هـ
ولد جابر بن حيان عام ۷٥۰ م في مدينة طوس الواقعة في ولاية خراسان؛ شمال شرق إيران، وقد اختلفت الأقوال في تاريخ ومكان ولادته؛ وكذلك وفاته، وإن كان المشهور بأنه توفى في وأخيراً عام ۸۱٥ م، في مدينة الكوفة بالعراق، وقد لقب بالكوفي، على الرغم من كونه مولود في غيرها، إلا أنه قضى فترة من حياته فيها مدينة الكوفة.
شد جابر بن حيان رحاله الى بلدان وأمصار مختلفة؛ طلباً للعلم والمعرفة، واستقر في المدينة المنورة وتتلمذ عند الإمام جعفر الصادق عليه السلام، وكان كثيراً ما يشير إلى عظمة الإمام وعلمه، إلا أنه شد رحاله الى الكوفة، وذلك بعد استشهاد الامام الصادق عليه السلام، وبنى فيها مختبره العلمي.
ترك جابر بن حيان من الكتب والمؤلفات الكثير، بعد أن تتلمذ عند هذا الامام الهمام جعفر الصادق عليه السلام، جعلته يؤلف ما يزيد عن (٥۰۰) رسالة.
وقد أنبهر وتأثر بأبن حيان الكثير من العلماء، القدماء منهم والمتأخرين، ومنهم عالم الكيمياء الفرنسي "برتلو" المعروف بابي الكيمياء وقال قولته المعروفة: "كانت لجابر في علم الكيمياء نفس المكانة التي كان يحظى بها أرسطو طاليس في المنطق". 
في حين يقول "جورج سارتون": "يجب أن نعد جابراً من أكبر العلماء في القرون الوسطى في عرصة العلوم والمعارف". 
أما المستشرق البريطاني "اريك جان هوليمارد" فيقول في أبن حيان جابر: "كان جابرٌ تلميذ الامام الصادق ووجد الامام شخصية عظيمة ودودة ولم يكن قادراً على أن ينفصل عن الامام وكان بحاجة ماسة الى وجوده المبارك، وبذل قصارى جهده ومن خلال استعانته بأستاذه البارع الامام الصادق أن ينقذ علم الكيمياء من براثن الأساطير البالية الناتجة عن مدارس الاسكندرية العلمية".
كان جابر بن حيان أول كيميائي مسلم أثمرت جهوده الحثيثة في علم الكيمياء في أن يذاع صيته على قمة من برع في هذا العلم وأحتل مكانة مرموقة، وبلا شك هو أول مسلم استحق له أن يحمل عنوان "عالم الكيمياء".
وقد أمتاز أبن حيان برأيه الخاص في الأكثير، فبعد أن كان الاعتقاد السائد في القدم بإمكان الطبيعة أن تحول الأشياء الى بعضها الآخر مثل تحويل الماء والتراب الى نبات أو تحويل النبات الى العسل وشمع العسل من خلال النحل أو تحويل معدن القصدير الى الفضة تحت طبقات الارض وما الى ذلك، كذلك بإمكان عالم الكيمياء ايضاً ان يعمل عمل الطبيعة في أقل فترة زمنية؛ وذلك عن طريق اعتماده على التجارب والاختبارات وتقليده للطبيعة، بيد أن الكيميائي ومن أجل أن يغير شيئاً الى شيء آخر، يحتاج الى أداة تسمى "الإكسير"، والإكسير ـ حسب علم الكيمياء ـ هو بمثابة الدواء في علم الطب. 
وقد استخلص أبن حيان مادة الاكسير لأبحاثه من اليميائية الكائنات الثلاثة (أي الحيوانات والنباتات والمعادن)، ويقول هو بهذا الخصوص هناك سبعة أنواع من الإكسير:
ـ الاكسير المعدني: وهو الاكسير المستخلص من المعادن.
ـ الاكسير الحيواني: وهو الاكسير المستخلص الحيوانات.
ـ الاكسير النباتي: وهو الاكسير المستخلص من النباتات.
ـ الاكسير الحيواني ـ النباتي: وهو الاكسير المستخلص من مزج المواد الحيوانية والنباتية..
ـ الاكسير المعدني ـ النباتي: وهو الاكسير المستخلص من مزج المواد المعدنية والنباتية.
ـ الاكسير المعدني ـ الحيواني: وهو الاكسير المستخلص من مزج المواد المعدنية والحيوانية.
ـ الاكسير المعدني ـ الحيواني- النباتي: وهو الاكسير المستخلص من مزج المواد المعدنية والنباتية والحيوانية.

ويرى جابر أن المعادن الأصلية سبعة وهي عبارة عن الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والزنبق والقصدير، وتشكل هذه المعادن ـ حسب راي جابر ـ "قانون الصناعة"؛ وبعبارة آخرى تقوم قوانين علم الكيمياء على هذه المعادن السبعة، مع أنها تتكون من دمج وتركيب معدنين أساسيين أي الكبريت والزنبق بنسب مختلفة في جوف الأرض. 
ويرى جابر بأن الفارق فيما بين هذه المعادن السبعة هو فارقٌ عرضيٌ وليس جوهرياً، وذلك نتيجة وجود الفارق في نسبة تركيب الكبريت والزنبق فيها، غير أن طبيعة كل من الكبريت والزنبق تنجم عن عاملين أرضي وزماني، بعبارة أدق، فان وجود الفارق في نوع التراب الذي يتشكل فيه هذان المعدنان (أي الكبريت والزنبق) فضلاً عن مواضع الكواكب عند ظهورها؛ كل ذلك يؤدي الى نشوء فوارق فيما يخص طبيعة الكبريت أو الزنبق.