السبت - 22 شعبان 1446هـ -
السبت - 22 شعبان 1446هـ - 22 شباط 2025


النظرية الاقتصادية في الإسلام بين الرأسمالية والاشتراكية
16 ربيع الثاني 1439هـ
في الوقت الذي تعتبر فيه الرأسمالية أن سبب المشكلة الاقتصادية هو قلة الموارد الطبيعية نسبيا؛ باعتبار أن الطبيعة محدودة حسب تصور الرأسماليين، ما يجعلها غير وافية لحاجة الإنسان سيما وأن هذه الحاجة في تزايد مستمر مع تعقد الحياة وتطورها، وهو ما خلق مشكلة التوفيق بين محدودية الطبيعة والحاجة الإنسانية المتزايدة لها، ما جعلهم يقترحون نظامهم بل ومذهبهم الاقتصادي المعروف، في حين أن المشكلة الاقتصادية وفقا للاشتراكيين، تكمن في التناقض بين أنظمة وآليات الإنتاج من جهة وأنظمة وآليات التوزيع من جهة أخرى؛ كون الأخير اجتماعيا بحت، وبالتالي متحرك بحركة المجتمع، ولا يمكن ضبط ايقاعه مع الإنتاج، ما يدعوهم ـ الماركسيين ـ الى المطالبة بتقليص الفجوة بين الإنتاج والتوزيع.
إما المذهب الاقتصادي الإسلامي، فيرى أن المشكلة في غير ذلك، فلا قلة الموارد الطبيعية هي المشكلة، ولا الفجوة بين الإنتاج والتوزيع، هي المشكلة، إنما تكمن المشكلة في مدى مداراة الإنسان لبيئته الاقتصادية، ومستوى انضباطه وأخلاقياته فيها حسب القاعدة القرآنية ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَار(32 (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ))(إبراهيم ـ 32 ـ 34)، وبذلك فأن الندرة وعدم الوفرة التي تتخوف منها بعض المذاهب الاقتصادية، ليس لها محل في الإسلام، كون المسلمون يؤمنون بأن الموجد إنما هو في سعة من إيجاده وفي توسعة لإنشائه ((أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ))(لقمان ـ 20)، ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ولكن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ))()الأعراف ـ 96)، ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا(10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا 12)))( نوح ـ11ـ12)، ما يعني أن الاكتفاء موجود بالأصل ما لم يحتكره او يفسده الأنسان.