الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ -
الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ - 24 تشرين الثاني 2024


التوازن الاجتماعي والتكافل الاجتماعي... وجهة نظر إسلامية
17 ربيع الثاني 1439هـ
ما انفكت حركة المال واقتصاداته تحتاج لضابطة تضبط شتاتها وتقنن وضعها، ما دفع المذهب الاقتصادي الإسلامي الى الإيمان بأن الدولة هي المسؤولة عن تنظيم هذه الحركة وضبط ايقاعها بما لا يسمح بالاحتكار او النفعية على حساب قيمة الإنسان ورزقه، ما دفعها ـ الدولة حسب المنظور الإسلامي ـ الى تأسيس الضمان الاجتماعي والتوازن الاجتماعي، حيث يكون الأول من خلال التكافل المجتمعي كواجب شرعي على من يستطيعه، فضلا عن الكفالة الحكومية التي تتكفل بها الحكومة الإسلامية الأخرين من بيت مالها وما يصطلح عليه الدومين العام ((وَمَّا أفَاءَ اللَّهُ على رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ على مَنْ يَشاءُ واللَّهُ على كُلِّ شيء قَدِيرٌ مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلْرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى واليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وابنِ السَّبيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دولةَ بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُم))(الحشر ـ7). 
أما مداليل ومصاديق التوازن الاجتماعي فتكمن في خلق البيئة المتزنة بين الفئات المجتمعية من خلال مكافحة الفوارق الطبقية بشكل مهذب لا يحبط الدوافع الطبيعية في النشاط الإنساني ورغبته في العمل والتملك من خلاله، خصوصا وأن العمل هو أساس التملك حسب الرؤية الإسلامية، أي أن التوزان يدعم المحتاج والمقتر، ولا يسلب الطامح والغني عن رغبته في زيادة ملكه.
ولا يكون التوازن حسب المذهب الاقتصادي في الإسلام، الا من خلال منظومة تشريعية اقتصادية متكاملة كتحريم الاحتكار والمنع من الحول المالي (الركود المالي) والدقة في توزيع الإرث بما يمنع من تكديس الأموال او تضخمها، فضلا عن فرضه ـ الإسلام ـ لما يساوي الضرائب وبشكل دوري ومستمر تحت مسمى الزكوات والأخماس، وبعد كل ذلك تنميته للقطاعات المنتجة سيما الشخصية ومنها مثلا الحث على إحياء الأرض الموات وغير ذلك كثير. 
كما راعى الإسلام من خلال منظومته التشريعية ـ وحديثنا عن التشريعات الاقتصادية ـ راعى نوعين من التشريعات، الأولى الثابتة وهي كل ما ليس بالإمكان تبديلها او تحويل وجهتها كتشريع الزكاة والخمس وحق الدولة في إدارة المنظومة الاقتصادية بحدود، في حين كان النوع الثاني من هذه التشريعات حركية (ديناميكية) تتحرك بشكل موازي لحركة الاقتصاد في البلاد الإسلامية وهي من صلاحيات الحاكم في أي مرحلة بما يصطلح عليه بمعالجة منطقة الفراغ، بعد ضبط أصولها مع الرؤية الاقتصادية الإسلامية ككلية.