الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ -
الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ - 24 تشرين الثاني 2024


مسلم بن عقيل... سفير الحسين عليه السلام الى الكوفة
17 جُمادى الآخرة 1443هـ
لا تكاد تُذكَرُ واقعة عاشوراء، حتى يستهلّها ذكرُ مسلم بن عقيل رضوان الله عليه، فهو سفير الحسين بن علي عليه السلام الى الكوفة، وهو صاحب المواجهة الأولى، والشهادة الأولى، أرسله سنة ستين للهجرة، قبل وقوع الواقعة بنحو شهر، معلنا خروجه ـ الحسين عليه السلام ـ على حكم يزيد بن معاوية الظالم والفاجر، ليستطلع له أوضاع أهل الكوفة، ويأخذ له البيعة منهم، تمهيدا لقدومه اليها.

من هو مسلم بن عقيل؟
هو مسلم بن عقيل بن أبي طالب، أبن عم الحسين بن علي عليهما السلام، وزوجته بنت عمه، رقيّة بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، ولد سنة (22) هـ على أرجح الأقوال، في المدينة المنورة، له من الأولاد خمسة، عبد الله ومحمد، استشهدا يوم واقعة كربلاء، وطفلان قتلهما عبيد الله بن زياد، بعد أن سجنهما سنة، ثم هربا من السجن، فأمر بقتلهما أين ما وُجدا، فجيء برأسَيهما له لقاء جائزة، وولدٌ خامس لا يُعلمُ عن خبره شيء.
كان مسلم يمتاز بشجاعته، وقوة ايمانه وصلابة مواقفه، إضافة الى القوة الجسمانية التي كان يمتلكها، روي أنه اشترك في فتوحات شمال أفريقيا ومعركة صفين.

خروج الحسين عليه السلام
حيث لم يُعمَل بوصية النبي صلى الله عليه وآله، في استخلاف علي عليه السلام بعد وفاته، فوقع الانقلاب في سقيفة بني ساعدة، اذ عزلوا عليا عليه السلام من منصبه الذي نصّبه فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، وتولّى الأمرَ من هو ليس بأهله، فصار الأول خليفةً سياسيا على رأس الدولة الإسلامية الفتية، وظل الحكم يتقلب بين أهل الدنيا، الذين أغواهم حب الجاه والمال، ولم تكن لهم الدراية والخبرة بشؤون الحكم، الى أن آل الأمر الى بني أُميّة، حيث ساءت أيامهم أحوال البلاد، واستأثر الحكامُ السياسيون وأتباعُهم بأموال المسلمين، وشاع الفساد، وأستشرى الظلم والفقر، حتى بلغ الذروة في عهد الخليفة غير الشرعي يزيد بن معاوية، ما حدا بالخليفة الشرعي الحسين بن علي عليه السلام، الى النهوض ثائرا ومصلحا في أمة جده محمد صلى الله عليه وآله، حيث نهض بثلة قليلة من أهله وأنصاره، ثائرا بوجه المفسدين والظالمين، فوقعت الواقعة، واستُشهِد عليه السلام، مع جميع من خرج معه، بواقعة كربلاء الأليمة، يوم العاشر من شهر محرم سنة 61هـ.  

ارسال مسلم الى الكوفة 
قرر الإمام الحسين عليه السلام الخروج الى الكوفة، بعد مراسلات كثيرة من أهلها تدعوه للقدوم، فأرسل ابنَ عمّه مسلم بن عقيل الى الكوفة، يستطلع أحوال أهلها، ويأخذ له البيعة منهم، فاستقبله أهلها بكل حفاوة وترحيب، وقد بايعه على الطاعة ما يقرب من (18,000) رجل على أقل التقديرات، حسب ما ذكرت كتب التاريخ، عندها كتب الى الإمام الحسين عليه السلام، يدعوه الى القدوم الى الكوفة، قائلا : "وقد بايعني من أهلِ الكوفةِ ثمانيةُ عشرَ ألفْ، فعجِّل الإقبال"، عَلِم والي الكوفة النعمان بن بشير، بالتفاف الناس حول مسلم رضوان الله عليه، لكنه لم يحرك ساكنا، بل قيل أنه كان من المبايعين، وما إن بلغَ الخبر يزيدَ بن معاوية في الشام، حتى أشار عليه مستشارُه سرجون المسيحيّ (مستشار معاوية سابقا) بعزل النعمان بن بشير، وتولية عبيد الله بن زياد على الكوفة.

استشهاد مسلم رضوان الله عليه
التحق عبيد الله بن زياد بالكوفة على الفور، فطلب مسلماً، فلما جيءَ به، بعد مقاومة شرسة، قتله صبرا، وألقى بجثته من أعلى قصر الإمارة، بعد أن تخلّى عنه جميع من بايعه، وكان ذلك يوم التاسع من ذي الحجة سنة ستين للهجرة، والإمام الحسين عليه السلام لا يزال في الطريق الى الكوفة.

قبره
دُفِن الى جانب مسجد الكوفة المعظم، وله قبر تعلوه قبة مذهّبة، يقصده المسلمون من كل حدب وصوب، لتأدية مراسم الزيارة، ويُعتبر مسلم بن عقيل رضوان الله عليه، أول شهيد من شهداء واقعة كربلاء الأليمة، وان سبقها بشهرٍ من الزمن.