الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ -
الاحد - 21 جمادى الاول 1446هـ - 24 تشرين الثاني 2024


الإسلام ونسخته المشوهة.. الحلقة الأولى
24 شعبان 1443هـ
منذ بزوغ شمس الاسلام وبمرور الزمن؛ ومن خلال التطورات الدراماتيكية التي مر بها الإسلام؛ استجدت نسخة ثانية من الإسلام؛ ذلك الدين العالمي المقارب للفطرة الانسانية النقية والطاهرة، إسلام بنسخة اخرى مزوّرة ومحرّفة وبعيدة عن الأصل ولم تأخذ سياقات الـ (Copy - Paste) بل أخذت فقط الفكرة ونسجت على منوالها الإسلام المزيف الذي استمر الى يومنا هذا؛ وهي النسخة التي اُعتمدت عالميا وتاريخيا على إنها هي الاسلام الذي جاء به النبي محمد صلوات الله تعالى عليه وآله؛ والصحيح غير ذلك؛ فهذه النسخة هي ليست من الاسلام المحمدي بشيء ؛ سوى سرقة الفكرة الاولى من النسخة الاصلية له، فالنسخة المحمدية / العلوية شيء وهذه النسخة الثانية شيء ثان؛ بل إنها النسخة الاموية من الاسلام المزيف والبعيدة عن جوهر وروح الاسلام والقريبة من المدرسة الاموية .
ولكن مع تطور الاحداث المتتالية الإرهاصات التي مر بها الإسلام بُعيد استشهاد نبيه الأكرم صلوات الله تعالى عليه وآله، ومن ثم قصة الاختيار التي رافقت  عملية اختيار خليفة بديل عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي اغتيل في ظروف معقدة وغامضة؛ ومرورا بحيلة رفع المصاحف في معركة صفين التي دارت بين الخليفة " الرابع " الإمام علي عليه الصلاة والسلام وغريمه معاوية  بن ابي سفيان الذي تمرد على نظام الحكم الشرعي وما حدث من الانشقاق الأول في الشارع الاسلامي والذي ادى فيما بعد الى سلسلة حروب اهلية كان بعض المبشرين في الجنة وكبار الصحابة ابطالها ومنهم احدى زوجات النبي الأكرم محمد صلوات الله تعالى عليه مرورا بالحدث المأساوي لمقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان الاموي في ظروف معقدة جدا وهي أقرب الى الحرب الاهلية   مرورا بالحرب الاهلية الطاحنة الاولى التي حدثت بين المسلمين .
وبدلا من أن يكونوا امة واحدة كما يبشر بذلك القرآن والرسول الأكرم محمد صلوات الله تعلى عليه وآله  (( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)) (سورة آل عمران ـ 110) حتى اصبحوا احزابا وقبائلا ، يقتل بعضهم بعضا ، ويكفّر بعضهم بعضا ، ويرفع البعض السلاح بوجه البعض الاخر ، اذ صار لكل رأس جمهور مدجج بالايدلوجيا المثخنة بالسلاح والمال السياسي السحت ، بعد ان لعبت الاشاعات ووعاظ السلاطين فعلها التدميري في التفريق بين مرتكزات الامة ومراكزها  باستخدام ادوات متعددة من الانتلجنسيا  والمرتزقة  وحتى الصعاليك من مرتادي اعتاب البلاط ، واستمراء ذلك  حتى لو امتد هذا الامر بالتسقيط ليشمل حتى البيت النبوي الكريم صلوات الله عليهم اجمعين ، ومع تطور نظرية الخلافة والحكم الى اتجاهين :  الاول الاتجاه الذي يعتمد نظرية الحكم الالهي باستمرار توريث الولاية لآل الرسول ( العصمة )  والثاني : لا يعتمد آل الرسول بل من خارج البيت النبوي وتوريث من يتولى الحكم نظرية ( اولي الامر ) وهكذا استمرت الاوضاع بدءا من بداية الحكم الأموي وحتى اخر حاكم عثماني ، الى ان سقطت الدولة العثمانية مع اندلاع  الحرب العالمية الاولى .
ومع تطور  مفهوم الانتماء الأيديولوجي الى الاسلام صار لدينا أيديولوجيتان  متنافرتان  لا تنتميان  الاّ في المشتركات الاولى والمنطلقات الاصلية للإسلام ، وماعدا ذلك ، فالاختلاف كان واضحا جدا في كل شيء ، صحيح الاسم الجامع هو الاسلام كدين سماوي مع الاختلاف الأيديولوجي في التفاصيل وحتى تلك المنطلقات المشتركة فقد شوّهت وحرّفت بمرور الزمن والأحداث الجسام  لمعركة الطف في عاشوراء ( 61 هـ) الذي كان أكبر شرخ في تاريخ الإسلام والذي ادار البوصلة نهائيا نحو ترجيح كفة الاسلام المزور ( الاموي ) على كفة الاسلام ( المحمدي ) الاصيل  الذي فرض نفسه  على مجمل منظومة الاسلام بشكل عام  بدءا  من اغتيال الخليفة الثالث عثمان بن عفان ( 40 هـ )  واعتلاء الخليفة الاموي الاول معاوية بن ابي سفيان سدة الخلافة ( 45 هـ ـ 60 ) بعد ان اعتلاها الخليفة الرابع علي بن ابي طالب واغتيل ( 45 هـ ) وتولاها لبضعة اشهر كانت حافلة بالمشاكل والقلاقل والمعارك .
تضاف اليها الشهور القلائل التي تولى فيها الحكم الامام الحسن السبط عليه الصلاة والسلام  الخلافة ،  ومنذ تأسيس الدولة الاموية (  50 هـ ـ 132 هـ ) ترسخت ايديولوجية الاسلام الاموي ، وفرضت نفسها  على التاريخ الاسلام ككل ،  انطلاقا من نظرية ( التاريخ يصنعه الاقوياء والرابحون والمنتصرون ) كما يقال ، فالانتصار الذي حققته القوة الاموية الغاشمة ابتداء من معركة الطف مرورا بالكوارث الدموية الكبرى التي الحقها الحكم الاموي بالمسلمين عامة وبأصحاب نظرية الاسلام المحمدي  بشكل خاص ، فبدأت الموازين بالانقلاب ( التحول )  الى تعزيز هذه الأيديولوجية المنحرفة البعيدة كل البعد عن الاسلام المحمدي الاصيل وهو المؤسس والباني ، فكان انقلابا ابيض كبيرا على الجذور الاولى واستبدالها بأنماط ايدلوجية غريبة عنه بل وفرضها على الرأي  العام العالمي والمخيال الجمعي لعموم البشر ، بأن الاسلام هو هذا  وليس غيره نسخة اخرى من الإسلام ، فضاعت بين طيات التاريخ ؛ اسلام النسخة الاصلية من الاسلام  وهو اسلام محمد وعلي عليهما الصلاة والسلام ، وتحولت الى اسلام معاوية ويزيد وعمرو بن العاص عليهم لعائن الله الى يوم الدين . 

ظافرة عبد الواحد